على الرغم من صغر سنها إلا إنها عانت الكثير ووصلت إلى ما لم تصل إليه امرأة أخرى في العالم، فقد حققت الطفلة اليمنية "نجود علي محمد الأهدل" -البالغة من العمر عشر سنوات، والتي رفضت الرضوخ لزواج قسري من رجل تزوجته لمدة شهرين دون رضاها يكبرها ثلاث مرات تقريبا- شهرة دولية وحصلت على جائزة (امرأة العام) إلى جانب تسع نساء أخريات. كما اختيرت لجائزة أخرى هي صندوق مبادرة امرأة العام حيث يتم اختيار واحدة فقط من الحاصلات على جائزة امرأة العام لجمع الأموال لصالح مشروعها.
وقفت العروس الطفلة نجود علي في المحكمة ضد زوجها البالغ من العمر ثلاثين عاما وحصلت على طلاق اقل ما يوصف به انه تاريخي؛ يمكن من خلاله تحقيق تغيير للفتاة اليمنية بوجه خاص والفتيات العربيات بوجه عام.
وجاء رفض "نجود علي" الفتاة البسيطة الصغيرة من محافظة حجة شمال غرب اليمن الانصياع إلى عادات خاطئة وتصديها بقوة لأعراف وتقاليد قبلية ليس لها أساس من الصحة أن جعلها تتصدر صفحات المجلات وشبكات التليفزيون لتصبح من أشهر الشخصيات على مستوى العالم.
وكانت محكمة غرب الأمانة باليمن قد أصدرت حكمها بفسخ عقد زواج الطفلة نجود في منتصف ابريل/ نيسان 2008 بعد أن تقدمت بطلب إلى المحكمة بطلاقها من زوجها.
والد نجود الذي يدعى "علي محمد الأهدل" عاطل عن العمل وهو متزوج من امرأتين ولديه 16 طفلاً، وهو من بين القبائل التي نزحت إلى العاصمة بحثاُ عن العمل وبدلاً من ذلك وجد البؤس والشقاء.
ومثلها مثل كثيرات في اليمن، أجبرت نجود على ترك مدرستها في العاصمة صنعاء عندما وصلت إلى السنة الثانية الابتدائية وقام والدها الفقير بتزويجها في فبراير/ شباط 2008 إلى سائق دراجة نارية في الثلاثينات من عمره يدعى "فايز علي ثامر" كان يضربها ويعتدي عليها.
ولم تقتصر معاناة الطفلة، ذات التسع سنوات، على زواجها المكرهة عليه فقط، بل تعرضت للأذى والتعذيب والإهانة والضرب لإجبارها على المعاشرة الزوجية؛ مع أن سنها مازال صغيراً.
نجود تطلب الطلاق
وعندما أخبرت نجود أبوها وأمها بأنها لا ترغب بالزواج وإنها تريد الطلاق رفضوا مساعدتها، حتى وجدت الدعم والتشجيع من عمها الذي شجعها وأعطاها المال لتذهب إلى المحكمة لتطلب الطلاق.
ولذا طالبت نجود المحكمة بالطلاق من زوجها للحصول على حياة كريمة ولتتمكن – حسب قولها – من مواصلة تعليمها وتتخلص من ظلم زوجها ووالدها
وفي محاولة لتبرير تلك الفعلة الشنعاء بحق طفلتهما الصغيرة؛ تقول عائلة نجود إنها كانت تحاول أن تبحث عن ما هو أفضل لأبنتها حتى تحصل على المهر. وقالت الأم "شويعة" أنهم طلبوا من الزوج ألا يلمسها حتى تصل إلى سن البلوغ لكن العريس لم ينفذ هذا الطلب.
في حين زعم الأب أنه أراد أن تتجنب نجود مصير أخواتها اللائي يكبرنها حيث اختطفت إحدى أخواتها من قبل قبيلة متنازعة معهم، والأخرى وضعت في السجن لأنها حاولت الدفاع عن نفسها. فقال والد نجود في مقابلة صحفية (كنت أحاول حمايتها)..
ودخلت نجود قفص الزواج وهي لا تعرف ولا تعي ماهيته. وبغض النظر عن كونها على أعتاب سن المراهقة، إلا أنها لا تزال طفلة صغيرة. فهي تحب أن تلعب لعبة القط والفأر مع صديقاتها وأخواتها، والألوان المفضلة لها هي الأحمر والأصفر كما تقول، وهي تفضل الشوكولاته وجوز الهند، وتحب الكلاب والقطط وتقول أنها لم تعرف البحر مطلقاً وتحلم أن تسبح فيه.
لكن نجود بدلا من القبول بالتقاليد ذهبت إلى المحكمة وحصلت على مساعدة المحامية " شذى ناصر" المدافعة عن حقوق الإنسان ونجحت في طلب الطلاق في إبريل/نيسان عام 2008 . وتؤكد شذى ناصر ونجود علي التزامهن بإنقاذ البنات الصغار من الزواج المبكر.
إن صدمة ما حدث لنجود لا تتوقف عند فكرة قيام الأب بتزويج ابنته بالإكراه وهي لم تبلغ السن القانونية. ولكن الصدمة الحقيقية تكمن في عدم وجود نص قانوني يجرم هذا العمل البشع واللا إنساني ، لأن قانون الأحوال الشخصية ـ المعمول به حالياً في اليمن ـ يبيح للأب تزويج ابنته متى يشاء ولو كان عمرها يوما واحداً .
فأمام استهتار أب قام بتزويج ابنته التي لم تتجاوز الثمان سنوات دون رضاها ، وأمام ظلم زوج أراد من زوجته الطفلة أن يعاملها كما لو كانت امرأة بالغة ويذيقها شتى صنوف الأذى والتعذيب ، يبرز السؤال من هو المذنب ومن الذي يتحمل المسؤولية في وصول هذه الطفلة إلى هذه المرحلة من المأساة والإهانة والإذلال؟ هل هو أبو الطفلة أم زوجها؟ أم المجتمع بأكمله الذي تتحكم فيه العادات القبلية والتفسيرات الخاطئة للإسلام. وتزوج الفتيات في سن صغير مقابل مهور قد يكون الأهل بحاجة إليها.
القانون هو الجاني
يرى المراقبون والاصلاحيون أن المسئول الأول عن مأساة هذه الطفلة ومآسي مئات الآلاف من الأطفال من أمثالها هو قانون الأحوال الشخصية النافذ حاليا باليمن والذي كان لحزب التجمع اليمني للإصلاح البصمات الواضحة في إقراره وتعديلاته عام 1998م والذي بسببه مازال العديد من الأطفال يعيشون مآسي حقيقية وترتكب جرائم بحقهم تحت غطاء القانون.
ولقد عرفت الجمهورية اليمنية بعد قيام الوحدة قانون للأحوال الشخصية عام 1992م وكان هذا القانون يمنع زواج الأنثى قبل سن 15 سنة ، والذكر قبل سن 18 سنة وقد لقي هذا القانون معارضة من حزب التجمع اليمني للإصلاح إلى أن تم تعديل القانون عام 1996م ليصبح بمقدور الأب بموجب القانون تزويج ابنته متى يشاء ولو كانت ابنة يوم واحد.
نجود "تشد أزر" المنظمات النسائية
وقد حظيت قضية طلب الطفلة نجود الطلاق _والذي يعد الأول في تاريخ اليمن_ باهتمام كبير من قبل الأوساط الإعلامية والمنظمات المدنية داخل اليمن وخارجه ،حيث أثارت قضيتها ردود أفعال واسعة ،وفتحت الباب لمناقشة قضية زواج الصغيرات ،وكذا موقف القانون اليمني من هذا الموضوع
ويعتقد الكثير من الآباء في اليمن أن زواج البنت وهي صغيرة ضمان للحفاظ على شرفها وشرف العائلة، وأن زواج الصبيان بعد بلوغهم مباشرة يحميهم من الانحراف وممارسة الفاحشة.
بالإضافة إلى أن الفقر له دور كبير في هذا النوع من الزواج، إذ تجبر العائلات على تزويج بناتهن وهن أطفال للتخفيف من العبء المالي على أسرة الأب. وبسبب الزواج والحمل المبكرين تحتل اليمن رأس القائمة في معدلات الدول الأكثر عرضة لظاهرة وفيات الأمهات، والتي تقدر بخمسة آلاف حالة وفاة في العام الواحد.
الزواج السياحي
وينتشر زواج الفتيات في اليمن في فصل الصيف، مع وصول السياح الخليجيين، وخاصة السعوديين الذين يقدمون على ما يسمي بالزواج السياحي حيث يزوج آباء يمنيون بناتهم لرجال كبار بالسن يقدمون مهرا كبيرا، وينتهي هذا الزواج بانتهاء الموسم السياحي.
كما كشفت دراسة ميدانية نشرت مؤخرا أن ظاهرة زواج الفتيات القاصرات في اليمن منتشرة أكثر من زواج الذكور، إذ تبلغ نسبة الإناث اللواتي تزوجن وهم دون سن الخامسة عشر إلى 52% مقابل 7% للذكور. كما و تبلغ نسبة ما يطلق عليه "زواج الأطفال" إلى 65% من حالات الزواج أغلبها في المناطق الريفية حيث يبلغ عمر الطفلة المتزوجة من 8 إلى 10 سنوات.
وكان من نتيجة ذلك أن أوصت دراسة قام بها مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان باليمن بضرورة رفع وتطوير الوعي العام والسياسي لجميع أفراد المجتمع سواء كانوا رجالا أم نساء، بأهمية مشاركة المرأة في الانتخابات وأهمية منحها حرية الرأي في اختيارها للمرشحين في الانتخابات أو ترشحها والفوز فيها
نجود تفتح الباب
وكان لشيوع قضية نجود وانتشارها أن فتحت الباب أمام عدد كبير من الأطفال الذين يتزوجون صغارا ليدعوا إلى رفع السن القانوني للزواج إلى 18 سنة للرجال والنساء على السواء.
عبرت المدرسة الديمقراطية ( الأمانة العامة لبرلمان الأطفال في اليمن) عن إدانتها الشديدة لما تعرضت له الطفلة نجود من عنف أسري من خلال تزوجها وعمرها 8 سنوات لشخص عمره 30سنة من قبل أسرتها.
وطالب برلمان الأطفال من مجلس النواب والحكومة بسن وتطبيق التشريعات الرامية إلى حماية الأطفال وتحديد سن الزواج بما لا يقل عن ثمانيي عشرة سنة.
وحذرت المدرسة الديمقراطية من مخاطر الزواج المبكر للأطفال ذكوراً كانوا أم إناثَا؛ معتبرة مثل هذا الزواج ظاهرة خطيرة يجب الوقوف أمامها ونشر الوعي بمخاطرها، معتبرة إياها تدخل ضمن الانتهاكات التي يتعرض لها أطفال اليمن من تهريب وعمالة وعنف أسري ومدرسي.
نجود تؤثر على المجتمع العربي
وكما أثرت نجود في المجتمع اليمني كان لصدى قضيتها اثر مساوٍ في المجتمع العربي؛ ففي السعودية ناقش مجلس الشورى السعودي تقريرا حول مأساة مئات الأطفال السعوديين من ضحايا الزواج غير النظامي المؤقت من أم غير سعودية. حيث وصل عددهم إلى حوالي 900 طفل.
وطالب المجلس الاستشاري في الإمارات بوضع تشريعات لمنع زواج الإماراتيين المسنين من فتيات صغيرات أجنبيات لوضع حد لتداعيات مثل هذا الزواج على المجتمع والأسرة ومنع الزواج العرفي الذي انتشر في الآونة الأخيرة، وتستهدف من ورائه العديد من الفتيات الأجنبيات الحصول علي الجنسية الإماراتية. ويجرم القانون في دولة الإمارات العربية المتحدة الزواج العرفي وتصل عقوبة فاعله الحبس لمدة شهر للمواطن ونفس العقوبة للمقيم مع التسفير من البلاد.
وذكرت دراسة عن الزواج من أجنبيات في دولة الإمارات أن 79 % من الأزواج المواطنين الذين طلقوا زوجاتهم المواطنات تزوجوا بأجنبيات، كما كشفت عن إن 62 %من المتزوجين من أجنبيات سبق لهم الزواج. ونوهت الدراسة عن الآثار السلبية التي تترتب على الأسرة والمجتمع نتيجة الزواج من أجنبيات.
جائزة امرأة العام
وتمنح جائزة امرأة العام _ والتي تعلن في حفل كبير بنيويورك_ منذ 19 عاما وتنشرها مجلة جليمور الأمريكية تحت رعاية شركة لوريال لمواد التجميل- نساء قدمن مساهمات ملموسة في مجالات الترفيه والأعمال والرياضة والأزياء والعلوم والسياسة.
وذكرت المجلة المخصصة للموضة والمشاهير إنها أدرجت الطفلة "نجود علي" نظرا لتحديها وإصرارها ومن ثم انتصارها بالحصول على الطلاق عن طريق
ومن بين الحاصلات العشر على جائزة امرأة العام المذيعة التلفزيونية تايران بانكس لأنشطتها الخيرية ودعمها للشابات والسناتور هيلاري كلينتون لإلهامها أجيالا كاملة من النساء ومورين شيك المديرة التنفيذية لشركة شانيل.
كما حصلت جين جودال على الجائزة لعملها الرائد مع قرود الشيمبانزي تقديرا لما حققته في مشوارها المهني ونشاطها البيئي وأيضا الممثلة الأسترالية نيكول كيدمان لتعاونها مع صندوق تنمية المرأة التابع للأمم المتحدة.
وحصلت أيضا كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية على جائزة امرأة العام ومعها ميستي ماي ترينور وكيري والش لاعبتا الكرة الطائرة الشاطئية والفنانة كارا ووكر.
ويبرز السؤال هل تنجح قضية نجود في تغيير حياة الكثير من الفتيات الصغار اللائي ظلمهن أبائهن بتزويجهن قسرا؟ وهل يتم تعديل القانون اليمني ليعطي الفتاة اليمنية حقها ويحميها من الغدر والظلم؟.. بل هل يمكن إنقاذ ألاف بل ملايين الفتيات العرب من لقاء نفس المصير المظلم ويعيد لهن أدميتهن وطفولتهن المهدرة ؟
وقفت العروس الطفلة نجود علي في المحكمة ضد زوجها البالغ من العمر ثلاثين عاما وحصلت على طلاق اقل ما يوصف به انه تاريخي؛ يمكن من خلاله تحقيق تغيير للفتاة اليمنية بوجه خاص والفتيات العربيات بوجه عام.
وجاء رفض "نجود علي" الفتاة البسيطة الصغيرة من محافظة حجة شمال غرب اليمن الانصياع إلى عادات خاطئة وتصديها بقوة لأعراف وتقاليد قبلية ليس لها أساس من الصحة أن جعلها تتصدر صفحات المجلات وشبكات التليفزيون لتصبح من أشهر الشخصيات على مستوى العالم.
وكانت محكمة غرب الأمانة باليمن قد أصدرت حكمها بفسخ عقد زواج الطفلة نجود في منتصف ابريل/ نيسان 2008 بعد أن تقدمت بطلب إلى المحكمة بطلاقها من زوجها.
والد نجود الذي يدعى "علي محمد الأهدل" عاطل عن العمل وهو متزوج من امرأتين ولديه 16 طفلاً، وهو من بين القبائل التي نزحت إلى العاصمة بحثاُ عن العمل وبدلاً من ذلك وجد البؤس والشقاء.
ومثلها مثل كثيرات في اليمن، أجبرت نجود على ترك مدرستها في العاصمة صنعاء عندما وصلت إلى السنة الثانية الابتدائية وقام والدها الفقير بتزويجها في فبراير/ شباط 2008 إلى سائق دراجة نارية في الثلاثينات من عمره يدعى "فايز علي ثامر" كان يضربها ويعتدي عليها.
ولم تقتصر معاناة الطفلة، ذات التسع سنوات، على زواجها المكرهة عليه فقط، بل تعرضت للأذى والتعذيب والإهانة والضرب لإجبارها على المعاشرة الزوجية؛ مع أن سنها مازال صغيراً.
نجود تطلب الطلاق
وعندما أخبرت نجود أبوها وأمها بأنها لا ترغب بالزواج وإنها تريد الطلاق رفضوا مساعدتها، حتى وجدت الدعم والتشجيع من عمها الذي شجعها وأعطاها المال لتذهب إلى المحكمة لتطلب الطلاق.
ولذا طالبت نجود المحكمة بالطلاق من زوجها للحصول على حياة كريمة ولتتمكن – حسب قولها – من مواصلة تعليمها وتتخلص من ظلم زوجها ووالدها
وفي محاولة لتبرير تلك الفعلة الشنعاء بحق طفلتهما الصغيرة؛ تقول عائلة نجود إنها كانت تحاول أن تبحث عن ما هو أفضل لأبنتها حتى تحصل على المهر. وقالت الأم "شويعة" أنهم طلبوا من الزوج ألا يلمسها حتى تصل إلى سن البلوغ لكن العريس لم ينفذ هذا الطلب.
في حين زعم الأب أنه أراد أن تتجنب نجود مصير أخواتها اللائي يكبرنها حيث اختطفت إحدى أخواتها من قبل قبيلة متنازعة معهم، والأخرى وضعت في السجن لأنها حاولت الدفاع عن نفسها. فقال والد نجود في مقابلة صحفية (كنت أحاول حمايتها)..
ودخلت نجود قفص الزواج وهي لا تعرف ولا تعي ماهيته. وبغض النظر عن كونها على أعتاب سن المراهقة، إلا أنها لا تزال طفلة صغيرة. فهي تحب أن تلعب لعبة القط والفأر مع صديقاتها وأخواتها، والألوان المفضلة لها هي الأحمر والأصفر كما تقول، وهي تفضل الشوكولاته وجوز الهند، وتحب الكلاب والقطط وتقول أنها لم تعرف البحر مطلقاً وتحلم أن تسبح فيه.
لكن نجود بدلا من القبول بالتقاليد ذهبت إلى المحكمة وحصلت على مساعدة المحامية " شذى ناصر" المدافعة عن حقوق الإنسان ونجحت في طلب الطلاق في إبريل/نيسان عام 2008 . وتؤكد شذى ناصر ونجود علي التزامهن بإنقاذ البنات الصغار من الزواج المبكر.
إن صدمة ما حدث لنجود لا تتوقف عند فكرة قيام الأب بتزويج ابنته بالإكراه وهي لم تبلغ السن القانونية. ولكن الصدمة الحقيقية تكمن في عدم وجود نص قانوني يجرم هذا العمل البشع واللا إنساني ، لأن قانون الأحوال الشخصية ـ المعمول به حالياً في اليمن ـ يبيح للأب تزويج ابنته متى يشاء ولو كان عمرها يوما واحداً .
فأمام استهتار أب قام بتزويج ابنته التي لم تتجاوز الثمان سنوات دون رضاها ، وأمام ظلم زوج أراد من زوجته الطفلة أن يعاملها كما لو كانت امرأة بالغة ويذيقها شتى صنوف الأذى والتعذيب ، يبرز السؤال من هو المذنب ومن الذي يتحمل المسؤولية في وصول هذه الطفلة إلى هذه المرحلة من المأساة والإهانة والإذلال؟ هل هو أبو الطفلة أم زوجها؟ أم المجتمع بأكمله الذي تتحكم فيه العادات القبلية والتفسيرات الخاطئة للإسلام. وتزوج الفتيات في سن صغير مقابل مهور قد يكون الأهل بحاجة إليها.
القانون هو الجاني
يرى المراقبون والاصلاحيون أن المسئول الأول عن مأساة هذه الطفلة ومآسي مئات الآلاف من الأطفال من أمثالها هو قانون الأحوال الشخصية النافذ حاليا باليمن والذي كان لحزب التجمع اليمني للإصلاح البصمات الواضحة في إقراره وتعديلاته عام 1998م والذي بسببه مازال العديد من الأطفال يعيشون مآسي حقيقية وترتكب جرائم بحقهم تحت غطاء القانون.
ولقد عرفت الجمهورية اليمنية بعد قيام الوحدة قانون للأحوال الشخصية عام 1992م وكان هذا القانون يمنع زواج الأنثى قبل سن 15 سنة ، والذكر قبل سن 18 سنة وقد لقي هذا القانون معارضة من حزب التجمع اليمني للإصلاح إلى أن تم تعديل القانون عام 1996م ليصبح بمقدور الأب بموجب القانون تزويج ابنته متى يشاء ولو كانت ابنة يوم واحد.
نجود "تشد أزر" المنظمات النسائية
وقد حظيت قضية طلب الطفلة نجود الطلاق _والذي يعد الأول في تاريخ اليمن_ باهتمام كبير من قبل الأوساط الإعلامية والمنظمات المدنية داخل اليمن وخارجه ،حيث أثارت قضيتها ردود أفعال واسعة ،وفتحت الباب لمناقشة قضية زواج الصغيرات ،وكذا موقف القانون اليمني من هذا الموضوع
ويعتقد الكثير من الآباء في اليمن أن زواج البنت وهي صغيرة ضمان للحفاظ على شرفها وشرف العائلة، وأن زواج الصبيان بعد بلوغهم مباشرة يحميهم من الانحراف وممارسة الفاحشة.
بالإضافة إلى أن الفقر له دور كبير في هذا النوع من الزواج، إذ تجبر العائلات على تزويج بناتهن وهن أطفال للتخفيف من العبء المالي على أسرة الأب. وبسبب الزواج والحمل المبكرين تحتل اليمن رأس القائمة في معدلات الدول الأكثر عرضة لظاهرة وفيات الأمهات، والتي تقدر بخمسة آلاف حالة وفاة في العام الواحد.
الزواج السياحي
وينتشر زواج الفتيات في اليمن في فصل الصيف، مع وصول السياح الخليجيين، وخاصة السعوديين الذين يقدمون على ما يسمي بالزواج السياحي حيث يزوج آباء يمنيون بناتهم لرجال كبار بالسن يقدمون مهرا كبيرا، وينتهي هذا الزواج بانتهاء الموسم السياحي.
كما كشفت دراسة ميدانية نشرت مؤخرا أن ظاهرة زواج الفتيات القاصرات في اليمن منتشرة أكثر من زواج الذكور، إذ تبلغ نسبة الإناث اللواتي تزوجن وهم دون سن الخامسة عشر إلى 52% مقابل 7% للذكور. كما و تبلغ نسبة ما يطلق عليه "زواج الأطفال" إلى 65% من حالات الزواج أغلبها في المناطق الريفية حيث يبلغ عمر الطفلة المتزوجة من 8 إلى 10 سنوات.
وكان من نتيجة ذلك أن أوصت دراسة قام بها مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان باليمن بضرورة رفع وتطوير الوعي العام والسياسي لجميع أفراد المجتمع سواء كانوا رجالا أم نساء، بأهمية مشاركة المرأة في الانتخابات وأهمية منحها حرية الرأي في اختيارها للمرشحين في الانتخابات أو ترشحها والفوز فيها
نجود تفتح الباب
وكان لشيوع قضية نجود وانتشارها أن فتحت الباب أمام عدد كبير من الأطفال الذين يتزوجون صغارا ليدعوا إلى رفع السن القانوني للزواج إلى 18 سنة للرجال والنساء على السواء.
عبرت المدرسة الديمقراطية ( الأمانة العامة لبرلمان الأطفال في اليمن) عن إدانتها الشديدة لما تعرضت له الطفلة نجود من عنف أسري من خلال تزوجها وعمرها 8 سنوات لشخص عمره 30سنة من قبل أسرتها.
وطالب برلمان الأطفال من مجلس النواب والحكومة بسن وتطبيق التشريعات الرامية إلى حماية الأطفال وتحديد سن الزواج بما لا يقل عن ثمانيي عشرة سنة.
وحذرت المدرسة الديمقراطية من مخاطر الزواج المبكر للأطفال ذكوراً كانوا أم إناثَا؛ معتبرة مثل هذا الزواج ظاهرة خطيرة يجب الوقوف أمامها ونشر الوعي بمخاطرها، معتبرة إياها تدخل ضمن الانتهاكات التي يتعرض لها أطفال اليمن من تهريب وعمالة وعنف أسري ومدرسي.
نجود تؤثر على المجتمع العربي
وكما أثرت نجود في المجتمع اليمني كان لصدى قضيتها اثر مساوٍ في المجتمع العربي؛ ففي السعودية ناقش مجلس الشورى السعودي تقريرا حول مأساة مئات الأطفال السعوديين من ضحايا الزواج غير النظامي المؤقت من أم غير سعودية. حيث وصل عددهم إلى حوالي 900 طفل.
وطالب المجلس الاستشاري في الإمارات بوضع تشريعات لمنع زواج الإماراتيين المسنين من فتيات صغيرات أجنبيات لوضع حد لتداعيات مثل هذا الزواج على المجتمع والأسرة ومنع الزواج العرفي الذي انتشر في الآونة الأخيرة، وتستهدف من ورائه العديد من الفتيات الأجنبيات الحصول علي الجنسية الإماراتية. ويجرم القانون في دولة الإمارات العربية المتحدة الزواج العرفي وتصل عقوبة فاعله الحبس لمدة شهر للمواطن ونفس العقوبة للمقيم مع التسفير من البلاد.
وذكرت دراسة عن الزواج من أجنبيات في دولة الإمارات أن 79 % من الأزواج المواطنين الذين طلقوا زوجاتهم المواطنات تزوجوا بأجنبيات، كما كشفت عن إن 62 %من المتزوجين من أجنبيات سبق لهم الزواج. ونوهت الدراسة عن الآثار السلبية التي تترتب على الأسرة والمجتمع نتيجة الزواج من أجنبيات.
جائزة امرأة العام
وتمنح جائزة امرأة العام _ والتي تعلن في حفل كبير بنيويورك_ منذ 19 عاما وتنشرها مجلة جليمور الأمريكية تحت رعاية شركة لوريال لمواد التجميل- نساء قدمن مساهمات ملموسة في مجالات الترفيه والأعمال والرياضة والأزياء والعلوم والسياسة.
وذكرت المجلة المخصصة للموضة والمشاهير إنها أدرجت الطفلة "نجود علي" نظرا لتحديها وإصرارها ومن ثم انتصارها بالحصول على الطلاق عن طريق
ومن بين الحاصلات العشر على جائزة امرأة العام المذيعة التلفزيونية تايران بانكس لأنشطتها الخيرية ودعمها للشابات والسناتور هيلاري كلينتون لإلهامها أجيالا كاملة من النساء ومورين شيك المديرة التنفيذية لشركة شانيل.
كما حصلت جين جودال على الجائزة لعملها الرائد مع قرود الشيمبانزي تقديرا لما حققته في مشوارها المهني ونشاطها البيئي وأيضا الممثلة الأسترالية نيكول كيدمان لتعاونها مع صندوق تنمية المرأة التابع للأمم المتحدة.
وحصلت أيضا كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية على جائزة امرأة العام ومعها ميستي ماي ترينور وكيري والش لاعبتا الكرة الطائرة الشاطئية والفنانة كارا ووكر.
ويبرز السؤال هل تنجح قضية نجود في تغيير حياة الكثير من الفتيات الصغار اللائي ظلمهن أبائهن بتزويجهن قسرا؟ وهل يتم تعديل القانون اليمني ليعطي الفتاة اليمنية حقها ويحميها من الغدر والظلم؟.. بل هل يمكن إنقاذ ألاف بل ملايين الفتيات العرب من لقاء نفس المصير المظلم ويعيد لهن أدميتهن وطفولتهن المهدرة ؟