الخطوات الأولى لإدارة المحفظة الاستثمارية
قد يخفى على العدد الأكبر من المستثمرين في الأسهم أن عملية إدارة الأصول المالية (مثال: إدارة محفظة للأسهم) لها قواعد استثمارية محددة، وهناك قرارات مهمة تشملها ولكنها قليلة. وحيث أن عدد كبير من المتداولين في سوق الأسهم السعودي هم من فئة المضاربين (تعرف المضاربة بأنها شراء وبيع الأسهم خلال فترة وجيزة "عادة تكون عدة أيام أو أسابيع") ويفتقرون إلى استراتيجية استثمارية ناجحة، فلقد رأينا أن نشرح لهم كيف يدير مديري الاستثمار (Fund Managers) محافظهم الاستثمارية بأسلوب يعتبر الأكثر استخداماً ويسمى (الأسلوب العامودي "Top-Down Approach")، حيث توجد ثلاث قرارات أساسية يتخذها مدير الاستثمار وهي:
القرار الأول: توزيع الأصول (Asset Allocation)
تبدأ الخطوة الأولى في إدارة المحفظة الاستثمارية بتحديد النسبة المئوية من إجمالي أصول المحفظة التي ستخصص للاستثمار في الأسهم فيما يتم الاحتفاظ بالنسبة المتبقية على شكل سيولة نقدية. ويتم اتخاذ هذا القرار الهام بناءً على توقعات مدير المحفظة لاتجاه سوق الأسهم، فإذا رأى المدير أن أداء السوق سيرتفع في الفترة القادمة فإنه يترتب عليه التوجه إلى رفع نسبة الاستثمار في الأسهم إلى حد أقصى هو 100% من المحفظة، والعكس صحيح أي أنه في حال التوقعات بهبوط السوق فإنه يتوجه إلى تحويل جزء من استثماراته إلى سيولة نقدية لتجنب الوقوع في الخسارة. وهذه العملية (توزيع الأصول) تؤثر بنسبة 80% على أداء المحفظة الاستثمارية وهي أهم قرار يتم اتخاذه. ونود أن نلفت النظر إلى أنه نادراً ما يلجأ مديري المحافظ المحترفين إلى تحويل جميع أصولهم إلى سيولة نقدية، إذ يعتبر ذلك من المخالف لأساسيات الاستثمار، حيث أن عودة ارتفاع السوق المفاجئة ستفوت فرصة كبيرة لارتفاع المحفظة، لكن المعتاد هو خفض نسبة الأسهم إلى مستوى يتناسب مع النسبة المتوقعة لانخفاض السوق (تتراوح عادة ما بين 0 إلى 40%). وتتطلب عملية توزيع الأصول مراعاة جميع العوامل التي تؤثر في أسعار الأسهم وخاصة الاقتصادية منها مثل أسعار النفط والسيولة المالية وأسعار الفائدة وانعكاساتها المؤثرة بشكل مباشر أو غير مباشر على أرباح الشركات وبالتالي على اتجاه سوق الأسهم.
ثانياً: انتقاء الأسهم (Stock Selection)
بعد الانتهاء من توزيع الأصول وتحديد النسبة المخصصة للأسهم، يأتي دور الخطوة الثانية وهي عملية انتقاء الأسهم التي ستتكون منها المحفظة الاستثمارية. إذ يجب اختيار الأسهم الناجحة وتحديد نسبة شرائها وفقاً لنسب معينة متوافقة مع حجم الشركة. وعملية انتقاء الأسهم تؤثر على تحقيق الأرباح بنسبة 15%. وتتطلب عملية اختيار الأسهم دراسة تحليلية وافية للوضع المالي المتوقع للشركات المساهمة حيث يتوجب تتبع ظهور قوائمها المالية وتحليل النسب المالية ووضع الشركات ونشاطاتها حيث أن جميع هذه الأمور تؤثر في قرار شراء أو بيع أي سهم ما.
ثالثاً: التوقيت الاستثماري (Timing)
بعد تحديدنا لنسبة الأسهم ونسبة السيولة لمحفظتنا، واختيارنا للأسهم المراد الاستثمار بها، يبقى تحديد الوقت المناسب لشراء هذه الأسهم . وهذه العملية تؤثر على تحقيق الأرباح بنسبة 5%. وفي الواقع فإن الموضوع يعتبر مهماً لدى كثير من المتعاملين في سوق الأسهم وخصوصاً المضاربين، الذين تنصب جميع قراراتهم الاستثمارية على هذه الخطوة فقط، حيث يلاحظ امتلاكهم للأسهم لفترات قصيرة، حيث أن تغير الأسعار اليومي أقل بكثير من التغيرات على مدى أطول، فمثلاً لا يهم إذا اشتريت السهم بـ 100 ريال أو 101 ريال طالما أن سعر السهم في آخر السنة سوف يكون 120 ريالاً مثلاً. وقد كتبنا تحليلاً وافياً عن هذا سابقاً. (للاستفادة من هذا الموضوع الرجاء الذهاب إلى موقعنا على الإنترنت [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
قياس أداء المحفظة الاستثمارية
بعد أن تعرفنا على الأسس والقواعد التي يجب إتباعها عند تكوين المحفظة وإدارتها بالشكل السليم، فإنه يجب على المستثمر أن يخلو بنفسه ويفكر في هذه القواعد جيداً، وأن يسأل نفسه: هل بمقدوره أن يقوم بإدارة محفظة أسهمه الخاصة بنفسه وتحقيق الأرباح التي يتمناها؟
قد يظن الكثير من المتعاملين في سوق الأسهم بأنهم يستطيعون إدارة محافظهم بأنفسهم، وأن العوائد التي يحققونها كبيرة وممتازة. ولكن السؤال المهم هنا هو ما هو المقياس الذي قاس به المستثمرون أداء محافظهم؟
إن تحقيق نسبة من الأرباح الإيجابية في مجال إدارة المحافظ ليس بالمقياس المهم لوحده، إذ أن هناك عدة مقاييس يجب أخذها في عين الاعتبار. والمقياس الأول المهم في هذا المجال هو "القيمة المضافة – Value Added". ويعني هذا المقياس أنه يجب الحصول على عائد يفوق المؤشر الإرشادي للمحفظة التي يستثمر فيها. والمؤشر الإرشادي هو مقياس لأداء جميع الأسهم التي يمكن الاستثمار فيها، فمثلاً لو أن المستثمر يستثمر في الأسهم السعودية فالمؤشر الإرشادي له هو مؤشر "تداول لجميع الأسهم TASI"، وإذا كان يستثمر في قطاع البنوك فقط، فالمؤشر الإرشادي المرتبط به هو مؤشر "تداول لقطاع البنوك" وهكذا.
وهذا يعني مثلاً أنه لو حقق مستثمر ما في الأسهم السعودية عائداً نسبته 45% خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام 2003، فأداءه للوهلة الأولى يعتبر ممتازاً، إلا أن هذا الرأي يعتبر متسرعاً وخالياً من التحليل، وذلك إذا عرفنا أن المؤشر الإرشادي (مؤشر تداول لجميع الأسهم) ارتفع بنسبة 60% خلال الفترة ذاتها، مما يعني أن أداء هذا المستثمر كان سيئاً لأنه أقل من أداء السوق بنسبة 15% مما يعني أن القيمة المضافة لمحفظة هذا المستثمر هي (-15%) أي سلبي بنسبة 15%. والعكس صحيح أيضاً. فلو أن مستثمراً تعرض لخسارة نسبتها 10% في إحدى السنوات فهذا لا يعني أن أداءه كان سيئاً، فإذا كان السوق انخفض بنسبة أكبر 20% مثلاً فهذا يعني أن هذا المستثمر استطاع تقليص الخسائر، والقيمة المضافة في هذه الحالة هي (+10%) أي إيجابي بنسبة 10%.
أما المقياس الآخر الذي يجب قياس الأداء به، فهو مقارنة أداء المحفظة التي يديرها بأداء الصناديق الأخرى المنافسة والتي تعمل في النشاط ذاته. علماً بأن بيانات هذه الصناديق متوفرة ومعلنة. ونطلب هنا من القراء الكرام أن يقوموا بحساب عائد محافظهم خلال السنوات الخمس الماضية ومقارنتها بأداء الصناديق المنافسة الموجودة في الجدول المرفق على سبيل المثال. وهنا نرى أنه من المفيد تعريف القارئ بماهية صناديق الاستثمار.
ما هي صناديق الاستثمار ؟
يعرَّف صندوق الاستثمار بأنه عبارة عن محفظة استثمارية مشتركة يسمح لأي عدد من المستثمرين حسب رغبتهم وقدرتهم المالية وبمبالغ متواضعة (ألف ريال مثلاً) بالاشتراك فيه من خلال شراء حصة من أصوله تسمى بالوحدة، ويتم تقييم هذه الوحدة دورياً. وتستثمر الصناديق الاستثمارية في الأسهم أو السندات أو النقد أو العملات أو ما شابه من الأدوات الاستثمارية.
تتيح صناديق الاستثمار للمستثمرين بمختلف قدراتهم المادية الحصول على فرص استثمارية تمكنهم من المحافظة على أموالهم وادخارها لتنميتها. وانطلاقاً من ذلك فإننا ننصح المستثمرين بالتوجه نحو الاشتراك في صناديق الاستثمار والتي تدار من قبل إدارات متخصصة ذات كفاءة وخبرة ودراية عن طريق البنوك المحلية وذلك مقابل رسوم محدودة تتراوح بين 0.5% و 2.0% سنوياً.
وحيث أن الضوء مسلط حالياً على الاستثمار في الأسهم السعودية، فسنقدم فيما يلي تحليل استثماري عن جميع صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية والتابعة للبنوك المحلية.
صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية؟
تعتبر صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية حديثة العهد نسبياً، إذ يرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1992. ويبلغ عددها حالياً 15 صندوقاً تقدمها جميع البنوك باستثناء "البنك السعودي للاستثمار".
ونشير إلى أن الصناديق الاستثمارية تدار عن طريق البنوك المحلية وتحت ترخيص وإشراف ومراقبة "مؤسسة النقد العربي السعودي" بهدف حماية أموال المستثمرين. كما نود أن ننبه المستثمرين إلى عدم الدخول في أي محفظة أو استثمار غير مرخص له من الجهات المختصة التي يستطيع المستثمر الرجوع إليها في حال حدوث أي مشاكل لا سمح الله، في حين لا يمكن للمستثمر اللجوء إلى أي جهة رسمية في حال وجود نزاع مع المحافظ الغير قانونية.
وقد بلغ الحجم الإجمالي لأصول صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية نحو 2.9 مليار ريال وهي للأسف قيمة تعتبر متدنية جداً مقارنة بإجمالي الحجم السوقي لسوق الأسهم السعودي البالغ 530 بليون ريال أي تمثل 0.5% فقط، وهذا يعني عزوف المستثمرين عن صناديق الاستثمار وتوجههم المباشر للتداول في سوق الأسهم السعودي وهذا يؤكد ما ذكرناه سابقاً، وذلك إما لعدم معرفتهم بصناديق الاستثمار أو بسبب قلة الوعي حيث أنهم يعتقدون أن العائد المحقق عن طريق صناديق الاستثمار أقل مما يستطيعون تحقيقه في حال توجههم مباشرة إلى سوق الأسهم السعودي.
ويصنف مركز بخيت للاستشارات المالية صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية إلى أربعة أقسام:
1- الصناديق التقليدية: وهي صناديق بإمكانها الاستثمار في جميع أسهم الشركات السعودية المساهمة ولا تتبع لأي ضوابط شرعية. وقد بلغ إجمالي حجم هذه الصناديق 2.0 مليار ريال وقد استحوذت على النصيب الأكبر (67%) من حجم الأموال المستثمرة في صناديق الأسهم السعودية وذلك كما في نهاية شهر أكتوبر 2003. ويتصدر "صندوق الرياض للأسهم 3 " لبنك الرياض مجموعة صناديق الاستثمار بالأسهم السعودية مشكلاً ما نسبته 47% أي ما يقارب نصف مجموع حجم أصول جميع صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية. والسبب في كبر حجم هذا الصندوق هو أن البنك قام في نهاية عام 2000 بتوزيع محفظة الأسهم السعودية الخاصة به والتي كانت قيمتها في حدود 800 مليون ريال كأرباح على المساهمين فيه. وقد استطاعت معظم الصناديق التقليدية تحقيق قيمة مضافة إيجابية مميزة خلال السنوات الخمس الماضية، حيث كان أفضل أداء لصندوق "الأسهم السعودية" للبنك السعودي البريطاني حيث ارتفع بنسبة 244% مقابل 168% للمؤشر العام للأسهم السعودية أي أن القيمة المضافة بلغت (+76%).
2- الصناديق الشرعية: وهي صناديق تستثمر في أسهم الشركات السعودية المنتقاة حسب ضوابط محددة من قبل هيئة رقابة شرعية، وتتميز هذه الصناديق بأنها لا تستثمر في القطاعات التي لا يتوافق نشاطها مع الشريعة الإسلامية، كما أنها لا تستثمر في أسهم الشركات التي لها مديونية مرتفعة بالإضافة إلى أنها تقوم بتطهير الأرباح التي تحصل عليها من الشركات التي يدخل في أرباحها عوائد الودائع البنكية والسندات. وقد بلغ حجم أصول هذه الصناديق 481 مليون ريال، ويشكل صندوق "الأهلي للمتاجرة بالأسهم السعودية" للبنك الأهلي التجاري أعلى نسبة من الأصول في الصناديق الشرعية بما نسبته 9% من إجمالي حجم أصول صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية. وقد استطاع الصندوق تحقيق عائد بنسبة 195% خلال السنوات الخمس الماضية مقابل 184% للمؤشر الإرشادي الخاص به أي أن القيمة المضافة له بلغت (+12%).
3- صناديق الأسهم عدا البنوك: وهي صناديق تستثمر في جميع الأسهم ما عدا البنوك (باستثناء "شركة الراجحي المصرفية للاستثمار" الذي يمكن الاستثمار به)، إلا أن هذه الصناديق لا تشترط الضوابط التي تم ذكرها في التصنيف السابق للصناديق الشرعية. وقد بلغ حجم أصول هذه الصناديق 445 مليون ريال، ويأتي حجم "صندوق المتاجرة بالأسهم السعودية" للبنك السعودي الهولندي في المرتبة الأولى بنسبة بلغت 8% من إجمالي حجم أصول صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية. وقد حقق صندوق واحد فقط قيمة مضافة إيجابية خلال السنوات الخمس الماضية هو صندوق "المتاجرة بالأسهم السعودية" للبنك السعودي البريطاني حيث حقق ارتفاعاً بلغت نسبته 243% مقابل 208% للمؤشر الإرشادي أي أن القيمة المضافة بلغت (+35%).
4- الصناديق القطاعية (حسب القطاع): وهي صناديق تستثمر في قطاع معين (مثل قطاع البنوك حالياً)، ويمثله صندوق وحيد هو "صندوق أسهم البنوك السعودية" ويشكل 1% من إجمالي حجم أصول صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية. وللأسف فإن عمر هذا الصندوق حديث ولا نستطيع قياس أداءه خلال السنوات الخمس الماضية.
أداء صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية
على عكس المفهوم السائد لدى المتعاملين في سوق الأسهم السعودي، فإن الاستثمار عن طريق الصناديق الاستثمارية هو أقل مخاطرة من الاستثمار المباشر في السوق، وذلك بسبب كبر حجم هذه الصناديق وبالتالي فهي توزع المخاطرة على عدد أكبر من الأسهم، فيما أن المستثمر العادي قد لا يستطيع أن يشتري أسهم في عدة شركات، بل يتجه إلى الاستثمار في عدد محدود من الأسهم، بل إن بعض المستثمرين يضع كل استثماراته في أسهم شركة واحدة أو اثنتين، مما قد يتسبب لهم في خسارة فادحة.
ويوضح الجدول المرفق أداء صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية وتصنيفاتها بالإضافة إلى حجم أصولها. حيث قمنا بمقارنة لأداء جميع الصناديق التي تستثمر في الأسهم السعودية لمدة خمس سنوات (حيث أن معظم الصناديق تم إنشاؤها قبل ذلك) ومقارنة عوائدها لهذه الفترة مع أداء سوق الأسهم السعودي كل صندوق حسب تصنيفه وفئته التي يستثمر بها ثم قمنا باحتساب القيمة المضافة، التي تعكس الجودة الاستثمارية للصندوق ومدى تنافسيته. ويمكن للمستثمر أن يقرر الصندوق المناسب له، مع التركيز على الصناديق ذات القيمة المضافة الإيجابية.
وكما ذكرنا سابقاً فقد استطاعت معظم الصناديق تحقيق عوائد ممتازة وأفضل من مؤشراتها الإرشادية على مدى السنوات الخمس الماضية، كذلك فقد كان معدل القيمة المضافة لجميع الصناديق إيجابياً بنسبة 5%، وهذه نقطة إيجابية تؤكد ما ذكرناه سابقاً من أداء صناديق الاستثمار أفضل من أداء مجموع المتعاملين في سوق الأسهم السعودي، ونغتنم الفرصة هنا للإشارة إلى المستثمرين بالدخول في هذه الصناديق إن لم يكن لديهم القدرة التنافسية لإدارة محافظهم.
قد يخفى على العدد الأكبر من المستثمرين في الأسهم أن عملية إدارة الأصول المالية (مثال: إدارة محفظة للأسهم) لها قواعد استثمارية محددة، وهناك قرارات مهمة تشملها ولكنها قليلة. وحيث أن عدد كبير من المتداولين في سوق الأسهم السعودي هم من فئة المضاربين (تعرف المضاربة بأنها شراء وبيع الأسهم خلال فترة وجيزة "عادة تكون عدة أيام أو أسابيع") ويفتقرون إلى استراتيجية استثمارية ناجحة، فلقد رأينا أن نشرح لهم كيف يدير مديري الاستثمار (Fund Managers) محافظهم الاستثمارية بأسلوب يعتبر الأكثر استخداماً ويسمى (الأسلوب العامودي "Top-Down Approach")، حيث توجد ثلاث قرارات أساسية يتخذها مدير الاستثمار وهي:
القرار الأول: توزيع الأصول (Asset Allocation)
تبدأ الخطوة الأولى في إدارة المحفظة الاستثمارية بتحديد النسبة المئوية من إجمالي أصول المحفظة التي ستخصص للاستثمار في الأسهم فيما يتم الاحتفاظ بالنسبة المتبقية على شكل سيولة نقدية. ويتم اتخاذ هذا القرار الهام بناءً على توقعات مدير المحفظة لاتجاه سوق الأسهم، فإذا رأى المدير أن أداء السوق سيرتفع في الفترة القادمة فإنه يترتب عليه التوجه إلى رفع نسبة الاستثمار في الأسهم إلى حد أقصى هو 100% من المحفظة، والعكس صحيح أي أنه في حال التوقعات بهبوط السوق فإنه يتوجه إلى تحويل جزء من استثماراته إلى سيولة نقدية لتجنب الوقوع في الخسارة. وهذه العملية (توزيع الأصول) تؤثر بنسبة 80% على أداء المحفظة الاستثمارية وهي أهم قرار يتم اتخاذه. ونود أن نلفت النظر إلى أنه نادراً ما يلجأ مديري المحافظ المحترفين إلى تحويل جميع أصولهم إلى سيولة نقدية، إذ يعتبر ذلك من المخالف لأساسيات الاستثمار، حيث أن عودة ارتفاع السوق المفاجئة ستفوت فرصة كبيرة لارتفاع المحفظة، لكن المعتاد هو خفض نسبة الأسهم إلى مستوى يتناسب مع النسبة المتوقعة لانخفاض السوق (تتراوح عادة ما بين 0 إلى 40%). وتتطلب عملية توزيع الأصول مراعاة جميع العوامل التي تؤثر في أسعار الأسهم وخاصة الاقتصادية منها مثل أسعار النفط والسيولة المالية وأسعار الفائدة وانعكاساتها المؤثرة بشكل مباشر أو غير مباشر على أرباح الشركات وبالتالي على اتجاه سوق الأسهم.
ثانياً: انتقاء الأسهم (Stock Selection)
بعد الانتهاء من توزيع الأصول وتحديد النسبة المخصصة للأسهم، يأتي دور الخطوة الثانية وهي عملية انتقاء الأسهم التي ستتكون منها المحفظة الاستثمارية. إذ يجب اختيار الأسهم الناجحة وتحديد نسبة شرائها وفقاً لنسب معينة متوافقة مع حجم الشركة. وعملية انتقاء الأسهم تؤثر على تحقيق الأرباح بنسبة 15%. وتتطلب عملية اختيار الأسهم دراسة تحليلية وافية للوضع المالي المتوقع للشركات المساهمة حيث يتوجب تتبع ظهور قوائمها المالية وتحليل النسب المالية ووضع الشركات ونشاطاتها حيث أن جميع هذه الأمور تؤثر في قرار شراء أو بيع أي سهم ما.
ثالثاً: التوقيت الاستثماري (Timing)
بعد تحديدنا لنسبة الأسهم ونسبة السيولة لمحفظتنا، واختيارنا للأسهم المراد الاستثمار بها، يبقى تحديد الوقت المناسب لشراء هذه الأسهم . وهذه العملية تؤثر على تحقيق الأرباح بنسبة 5%. وفي الواقع فإن الموضوع يعتبر مهماً لدى كثير من المتعاملين في سوق الأسهم وخصوصاً المضاربين، الذين تنصب جميع قراراتهم الاستثمارية على هذه الخطوة فقط، حيث يلاحظ امتلاكهم للأسهم لفترات قصيرة، حيث أن تغير الأسعار اليومي أقل بكثير من التغيرات على مدى أطول، فمثلاً لا يهم إذا اشتريت السهم بـ 100 ريال أو 101 ريال طالما أن سعر السهم في آخر السنة سوف يكون 120 ريالاً مثلاً. وقد كتبنا تحليلاً وافياً عن هذا سابقاً. (للاستفادة من هذا الموضوع الرجاء الذهاب إلى موقعنا على الإنترنت [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
قياس أداء المحفظة الاستثمارية
بعد أن تعرفنا على الأسس والقواعد التي يجب إتباعها عند تكوين المحفظة وإدارتها بالشكل السليم، فإنه يجب على المستثمر أن يخلو بنفسه ويفكر في هذه القواعد جيداً، وأن يسأل نفسه: هل بمقدوره أن يقوم بإدارة محفظة أسهمه الخاصة بنفسه وتحقيق الأرباح التي يتمناها؟
قد يظن الكثير من المتعاملين في سوق الأسهم بأنهم يستطيعون إدارة محافظهم بأنفسهم، وأن العوائد التي يحققونها كبيرة وممتازة. ولكن السؤال المهم هنا هو ما هو المقياس الذي قاس به المستثمرون أداء محافظهم؟
إن تحقيق نسبة من الأرباح الإيجابية في مجال إدارة المحافظ ليس بالمقياس المهم لوحده، إذ أن هناك عدة مقاييس يجب أخذها في عين الاعتبار. والمقياس الأول المهم في هذا المجال هو "القيمة المضافة – Value Added". ويعني هذا المقياس أنه يجب الحصول على عائد يفوق المؤشر الإرشادي للمحفظة التي يستثمر فيها. والمؤشر الإرشادي هو مقياس لأداء جميع الأسهم التي يمكن الاستثمار فيها، فمثلاً لو أن المستثمر يستثمر في الأسهم السعودية فالمؤشر الإرشادي له هو مؤشر "تداول لجميع الأسهم TASI"، وإذا كان يستثمر في قطاع البنوك فقط، فالمؤشر الإرشادي المرتبط به هو مؤشر "تداول لقطاع البنوك" وهكذا.
وهذا يعني مثلاً أنه لو حقق مستثمر ما في الأسهم السعودية عائداً نسبته 45% خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام 2003، فأداءه للوهلة الأولى يعتبر ممتازاً، إلا أن هذا الرأي يعتبر متسرعاً وخالياً من التحليل، وذلك إذا عرفنا أن المؤشر الإرشادي (مؤشر تداول لجميع الأسهم) ارتفع بنسبة 60% خلال الفترة ذاتها، مما يعني أن أداء هذا المستثمر كان سيئاً لأنه أقل من أداء السوق بنسبة 15% مما يعني أن القيمة المضافة لمحفظة هذا المستثمر هي (-15%) أي سلبي بنسبة 15%. والعكس صحيح أيضاً. فلو أن مستثمراً تعرض لخسارة نسبتها 10% في إحدى السنوات فهذا لا يعني أن أداءه كان سيئاً، فإذا كان السوق انخفض بنسبة أكبر 20% مثلاً فهذا يعني أن هذا المستثمر استطاع تقليص الخسائر، والقيمة المضافة في هذه الحالة هي (+10%) أي إيجابي بنسبة 10%.
أما المقياس الآخر الذي يجب قياس الأداء به، فهو مقارنة أداء المحفظة التي يديرها بأداء الصناديق الأخرى المنافسة والتي تعمل في النشاط ذاته. علماً بأن بيانات هذه الصناديق متوفرة ومعلنة. ونطلب هنا من القراء الكرام أن يقوموا بحساب عائد محافظهم خلال السنوات الخمس الماضية ومقارنتها بأداء الصناديق المنافسة الموجودة في الجدول المرفق على سبيل المثال. وهنا نرى أنه من المفيد تعريف القارئ بماهية صناديق الاستثمار.
ما هي صناديق الاستثمار ؟
يعرَّف صندوق الاستثمار بأنه عبارة عن محفظة استثمارية مشتركة يسمح لأي عدد من المستثمرين حسب رغبتهم وقدرتهم المالية وبمبالغ متواضعة (ألف ريال مثلاً) بالاشتراك فيه من خلال شراء حصة من أصوله تسمى بالوحدة، ويتم تقييم هذه الوحدة دورياً. وتستثمر الصناديق الاستثمارية في الأسهم أو السندات أو النقد أو العملات أو ما شابه من الأدوات الاستثمارية.
تتيح صناديق الاستثمار للمستثمرين بمختلف قدراتهم المادية الحصول على فرص استثمارية تمكنهم من المحافظة على أموالهم وادخارها لتنميتها. وانطلاقاً من ذلك فإننا ننصح المستثمرين بالتوجه نحو الاشتراك في صناديق الاستثمار والتي تدار من قبل إدارات متخصصة ذات كفاءة وخبرة ودراية عن طريق البنوك المحلية وذلك مقابل رسوم محدودة تتراوح بين 0.5% و 2.0% سنوياً.
وحيث أن الضوء مسلط حالياً على الاستثمار في الأسهم السعودية، فسنقدم فيما يلي تحليل استثماري عن جميع صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية والتابعة للبنوك المحلية.
صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية؟
تعتبر صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية حديثة العهد نسبياً، إذ يرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1992. ويبلغ عددها حالياً 15 صندوقاً تقدمها جميع البنوك باستثناء "البنك السعودي للاستثمار".
ونشير إلى أن الصناديق الاستثمارية تدار عن طريق البنوك المحلية وتحت ترخيص وإشراف ومراقبة "مؤسسة النقد العربي السعودي" بهدف حماية أموال المستثمرين. كما نود أن ننبه المستثمرين إلى عدم الدخول في أي محفظة أو استثمار غير مرخص له من الجهات المختصة التي يستطيع المستثمر الرجوع إليها في حال حدوث أي مشاكل لا سمح الله، في حين لا يمكن للمستثمر اللجوء إلى أي جهة رسمية في حال وجود نزاع مع المحافظ الغير قانونية.
وقد بلغ الحجم الإجمالي لأصول صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية نحو 2.9 مليار ريال وهي للأسف قيمة تعتبر متدنية جداً مقارنة بإجمالي الحجم السوقي لسوق الأسهم السعودي البالغ 530 بليون ريال أي تمثل 0.5% فقط، وهذا يعني عزوف المستثمرين عن صناديق الاستثمار وتوجههم المباشر للتداول في سوق الأسهم السعودي وهذا يؤكد ما ذكرناه سابقاً، وذلك إما لعدم معرفتهم بصناديق الاستثمار أو بسبب قلة الوعي حيث أنهم يعتقدون أن العائد المحقق عن طريق صناديق الاستثمار أقل مما يستطيعون تحقيقه في حال توجههم مباشرة إلى سوق الأسهم السعودي.
ويصنف مركز بخيت للاستشارات المالية صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية إلى أربعة أقسام:
1- الصناديق التقليدية: وهي صناديق بإمكانها الاستثمار في جميع أسهم الشركات السعودية المساهمة ولا تتبع لأي ضوابط شرعية. وقد بلغ إجمالي حجم هذه الصناديق 2.0 مليار ريال وقد استحوذت على النصيب الأكبر (67%) من حجم الأموال المستثمرة في صناديق الأسهم السعودية وذلك كما في نهاية شهر أكتوبر 2003. ويتصدر "صندوق الرياض للأسهم 3 " لبنك الرياض مجموعة صناديق الاستثمار بالأسهم السعودية مشكلاً ما نسبته 47% أي ما يقارب نصف مجموع حجم أصول جميع صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية. والسبب في كبر حجم هذا الصندوق هو أن البنك قام في نهاية عام 2000 بتوزيع محفظة الأسهم السعودية الخاصة به والتي كانت قيمتها في حدود 800 مليون ريال كأرباح على المساهمين فيه. وقد استطاعت معظم الصناديق التقليدية تحقيق قيمة مضافة إيجابية مميزة خلال السنوات الخمس الماضية، حيث كان أفضل أداء لصندوق "الأسهم السعودية" للبنك السعودي البريطاني حيث ارتفع بنسبة 244% مقابل 168% للمؤشر العام للأسهم السعودية أي أن القيمة المضافة بلغت (+76%).
2- الصناديق الشرعية: وهي صناديق تستثمر في أسهم الشركات السعودية المنتقاة حسب ضوابط محددة من قبل هيئة رقابة شرعية، وتتميز هذه الصناديق بأنها لا تستثمر في القطاعات التي لا يتوافق نشاطها مع الشريعة الإسلامية، كما أنها لا تستثمر في أسهم الشركات التي لها مديونية مرتفعة بالإضافة إلى أنها تقوم بتطهير الأرباح التي تحصل عليها من الشركات التي يدخل في أرباحها عوائد الودائع البنكية والسندات. وقد بلغ حجم أصول هذه الصناديق 481 مليون ريال، ويشكل صندوق "الأهلي للمتاجرة بالأسهم السعودية" للبنك الأهلي التجاري أعلى نسبة من الأصول في الصناديق الشرعية بما نسبته 9% من إجمالي حجم أصول صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية. وقد استطاع الصندوق تحقيق عائد بنسبة 195% خلال السنوات الخمس الماضية مقابل 184% للمؤشر الإرشادي الخاص به أي أن القيمة المضافة له بلغت (+12%).
3- صناديق الأسهم عدا البنوك: وهي صناديق تستثمر في جميع الأسهم ما عدا البنوك (باستثناء "شركة الراجحي المصرفية للاستثمار" الذي يمكن الاستثمار به)، إلا أن هذه الصناديق لا تشترط الضوابط التي تم ذكرها في التصنيف السابق للصناديق الشرعية. وقد بلغ حجم أصول هذه الصناديق 445 مليون ريال، ويأتي حجم "صندوق المتاجرة بالأسهم السعودية" للبنك السعودي الهولندي في المرتبة الأولى بنسبة بلغت 8% من إجمالي حجم أصول صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية. وقد حقق صندوق واحد فقط قيمة مضافة إيجابية خلال السنوات الخمس الماضية هو صندوق "المتاجرة بالأسهم السعودية" للبنك السعودي البريطاني حيث حقق ارتفاعاً بلغت نسبته 243% مقابل 208% للمؤشر الإرشادي أي أن القيمة المضافة بلغت (+35%).
4- الصناديق القطاعية (حسب القطاع): وهي صناديق تستثمر في قطاع معين (مثل قطاع البنوك حالياً)، ويمثله صندوق وحيد هو "صندوق أسهم البنوك السعودية" ويشكل 1% من إجمالي حجم أصول صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية. وللأسف فإن عمر هذا الصندوق حديث ولا نستطيع قياس أداءه خلال السنوات الخمس الماضية.
أداء صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية
على عكس المفهوم السائد لدى المتعاملين في سوق الأسهم السعودي، فإن الاستثمار عن طريق الصناديق الاستثمارية هو أقل مخاطرة من الاستثمار المباشر في السوق، وذلك بسبب كبر حجم هذه الصناديق وبالتالي فهي توزع المخاطرة على عدد أكبر من الأسهم، فيما أن المستثمر العادي قد لا يستطيع أن يشتري أسهم في عدة شركات، بل يتجه إلى الاستثمار في عدد محدود من الأسهم، بل إن بعض المستثمرين يضع كل استثماراته في أسهم شركة واحدة أو اثنتين، مما قد يتسبب لهم في خسارة فادحة.
ويوضح الجدول المرفق أداء صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية وتصنيفاتها بالإضافة إلى حجم أصولها. حيث قمنا بمقارنة لأداء جميع الصناديق التي تستثمر في الأسهم السعودية لمدة خمس سنوات (حيث أن معظم الصناديق تم إنشاؤها قبل ذلك) ومقارنة عوائدها لهذه الفترة مع أداء سوق الأسهم السعودي كل صندوق حسب تصنيفه وفئته التي يستثمر بها ثم قمنا باحتساب القيمة المضافة، التي تعكس الجودة الاستثمارية للصندوق ومدى تنافسيته. ويمكن للمستثمر أن يقرر الصندوق المناسب له، مع التركيز على الصناديق ذات القيمة المضافة الإيجابية.
وكما ذكرنا سابقاً فقد استطاعت معظم الصناديق تحقيق عوائد ممتازة وأفضل من مؤشراتها الإرشادية على مدى السنوات الخمس الماضية، كذلك فقد كان معدل القيمة المضافة لجميع الصناديق إيجابياً بنسبة 5%، وهذه نقطة إيجابية تؤكد ما ذكرناه سابقاً من أداء صناديق الاستثمار أفضل من أداء مجموع المتعاملين في سوق الأسهم السعودي، ونغتنم الفرصة هنا للإشارة إلى المستثمرين بالدخول في هذه الصناديق إن لم يكن لديهم القدرة التنافسية لإدارة محافظهم.