صدر عن مجلة دبي الثقافية كتاب تراث العمارة الإسلامية من الصين إلى إسبانيا. والكتاب يقدم رؤية متكاملة لرحلة العمارة الإسلامية منذ عصورها المبكرة في المدينة المنورة, حين تشكلت في عهد الرسول ملامح المدينة العمرانية والمعمارية, بدءاً من عمارة مسجده ومسكنه والسوق ومصلى العيد إلى التحصين الحربي للمدينة. قسَّم خالد عزب كتابه إلى ثلاثة فصول, كل واحد منها يمثل محطة من محطات رحلة العمارة الإسلامية من القرن السابع الميلادي حتى القرن العشرين.
في الفصل الأول يعكس المؤلف تحت عنوان مدخل إلى تراث العمارة الإسلامية، جانباً مهملاً في دراسة تراث العمارة الإسلامية، وهو القواعد المنظمة لحركة التخطيط العمراني للمدن الإسلامية.
ويخلص إلى أن هذه القواعد هي نتيجة لاحتكاك المعماريين بالتقاليد الموروثة وأحكام الدين الإسلامي وكذلك الخبرات المعمارية واحتياجات المجتمع, تشكلت فيما بعد بما أسماه "فقه العمارة الإسلامية"، و اعتبر المؤلف أن دراسة العمارة الإسلامية على يد المستشرقين جاءت ناقصة لعدم درايتهم بهذه القواعد، وورث ذلك علماء الآثار من العرب, نظراً لأن اكتشاف هذه القواعد لا يتم إلا من خلال التبحر في علم أصول الفقه, ومخطوطات فقه العمارة, ودراسة طرز العمارة الإسلامية. عرض المؤلف لبعض القواعد الحاكمة للعمارة مثل: حق الجوار، حق الهواء، ولم يكتف بذلك, بل كشف أن العمارة وقوانينها لها أبعاد اجتماعية أيضاً.
وأكد أن الحديث عن هذا الفصل يطول ويتشعب، إلا أننا نتوقف أيضاً عند عناصر رئيسية هي: المسجد الجامع، والمدارس, والبيمارستانات, والحمامات, والقلاع والأسوار. فالمضمون في تصميم المسجد هو تهيئة الفراغ المعماري الذي يساعد المسلم على الخشوع والرهبة وهو واقف بين يدي الله سبحانه وتعالى؛ لاحظ المؤلف مكانة المسجد الجامع بالمدينة الإسلامية على مر العصور، فقد كانت له في صدر الإسلام المكانة الأولى التي تبلور حولها التكوين الطبيعي للمدينة, ومع مرور الوقت بدأت الشخصية الفردية للحاكم تظهر بالتدريج, فظهر اهتمامه برفاهيته وحاشيته وجنده. فارتبط المسجد بعد ذلك بقصر الحاكم ودواوينه, وبعد ذلك انفصل المسجد عن قصر الحاكم, وعرج المؤلف إلى الحديث عن المضمون في تصميم المسكن الإسلامي من خلال دراسة عمارة منازل بغداد وصنعاء والقاهرة ورشيد وغرناطة والإمارات.
وفي عرضه للمؤسسات الخدمية نراه يبدأها بالمؤسسات التعليمية، كالكتاتيب التي كان يدرس فيها القرآن الكريم واللغة العربية, والحساب منتقلاً منها إلى المدارس التي ركز فيها على نموذج المدرسة المستنصرية في بغداد، ثم عرض للبيمارستانات وهي المستشفيات التي شيدت لتقديم خدمات طبية للمرضى, واستخدم بعضها لتدريس الطب كالبيمارستان المنصوري في القاهرة والنوري في دمشق. كما تعرض للحمامات في العمارة الإسلامية، حيث تشابهت أشكال الحمامات العامة في العالم الإسلامي, ولم تختلف إلا في تفاصيل الوحدات المعمارية, كما تعرض للأسبلة وهي منشآت كانت تستخدم لتخزين المياه لعابري السبيل. أما الجديد الذي قدمه هذا الكتاب لأول مرة فهو منشآت الرفق بالحيوان, فقد حرص المعماريون المسلمون على ابتكار منشآت لتقديم الماء للحيوانات التي يستخدمها الإنسان في حياته, ويشبهها المؤلف اليوم بالمحطات التي تزود السيارات بالوقود, وقد انتشرت أحواض سقي الدواب في المدن وعلى طرق التجارة الرئيسية.
لم يفت المؤلف أن يكشف عن المنشآت الصناعية في العمارة الإسلامية, وركز في هذا الفصل على طواحين الغلال التي تدار بطرق عدة منها الدواب والمياه والهواء.
ولم يفت المؤلف أيضاً تخصيص قسم للاستحكامات الحربية راصداً تطورها وأنواعها وأثر الحروب الصليبية على تطور عمارتها, كما عكس أثر المدفعية عليها. أما الفصل الثاني من الكتاب فيمكن أن نعده رحلة سياحية منتقاة بعناية شديدة تكفل للقارئ أخذ فكرة متكاملة ومتنوعة لتراث العمارة الإسلامية. فبدأها بتفصيل لعمارة المدينة المنورة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم فتحدث عن عمارة المسجد النبوي وعمارة المساكن والأسواق وتحصين المدينة المنورة.
وانتقل المؤلف بعدها ليرصد تطور عمارة مسجد عمرو بن العاص على مر العصور، والدور الذي قام به لخدمة المجتمع كمؤسسة دينية لها احترامها وتقديرها في مصر كأول مسجد جامع بعد الفتح العربي لها.
عرج المؤلف بعد ذلك لجامع القيروان الذي شيده عقبة بن نافع سنة 50 هجرية، وكان هذا المسجد العريق في أول الأمر مساحة مسورة بسور سميك من اللبن على هيئة حصن, هدم حسان بن النعمان الغساني الجامع ما عدا محرابه وشيد مسجداً جديداً بين عامي 693 و697 ميلادية، وظل المسجد موضع عناية القيروان حتى عصرنا.
ويرحل بنا المؤلف إلى أعظم منشأة معمارية في اسطنبول، وهي مجمع السليمانية في اسطنبول الذي شيده للسلطان سليمان القانوني المعماري سنان باشا أعظم المعماريين العثمانيين، يعد المجمع مؤسسة متكاملة، فهو يضم بالإضافة إلى المسجد مكتبة وجامعة بها سبع مدارس تسمى المدارس السليمانية, منها خمس بمستوى الثانوية، وواحدة منها كلية، والأخرى للاختصاص،ومدرسة للطب. وألحق بالمجمع عمارة خانة لتقديم الطعام للفقراء وطلاب العلم مجاناً، ثم ألحق بالمجمع مدرسة للحديث وحماماً.
ولم يترك المؤلف أيضاً مساجد الصين دون أن يتعرض لها بدراسة تفصيلية، فبيَّن أن هذه المساجد تأثرت بروح العمارة الإسلامية وبالتقاليد المعمارية الصينية، ومنها مسجد هوايتشنغ في مدينة جوانغشو، ومسجد تشيغينغ, ومسجد نيوجيه في بكين.
في الفصل الأول يعكس المؤلف تحت عنوان مدخل إلى تراث العمارة الإسلامية، جانباً مهملاً في دراسة تراث العمارة الإسلامية، وهو القواعد المنظمة لحركة التخطيط العمراني للمدن الإسلامية.
ويخلص إلى أن هذه القواعد هي نتيجة لاحتكاك المعماريين بالتقاليد الموروثة وأحكام الدين الإسلامي وكذلك الخبرات المعمارية واحتياجات المجتمع, تشكلت فيما بعد بما أسماه "فقه العمارة الإسلامية"، و اعتبر المؤلف أن دراسة العمارة الإسلامية على يد المستشرقين جاءت ناقصة لعدم درايتهم بهذه القواعد، وورث ذلك علماء الآثار من العرب, نظراً لأن اكتشاف هذه القواعد لا يتم إلا من خلال التبحر في علم أصول الفقه, ومخطوطات فقه العمارة, ودراسة طرز العمارة الإسلامية. عرض المؤلف لبعض القواعد الحاكمة للعمارة مثل: حق الجوار، حق الهواء، ولم يكتف بذلك, بل كشف أن العمارة وقوانينها لها أبعاد اجتماعية أيضاً.
وأكد أن الحديث عن هذا الفصل يطول ويتشعب، إلا أننا نتوقف أيضاً عند عناصر رئيسية هي: المسجد الجامع، والمدارس, والبيمارستانات, والحمامات, والقلاع والأسوار. فالمضمون في تصميم المسجد هو تهيئة الفراغ المعماري الذي يساعد المسلم على الخشوع والرهبة وهو واقف بين يدي الله سبحانه وتعالى؛ لاحظ المؤلف مكانة المسجد الجامع بالمدينة الإسلامية على مر العصور، فقد كانت له في صدر الإسلام المكانة الأولى التي تبلور حولها التكوين الطبيعي للمدينة, ومع مرور الوقت بدأت الشخصية الفردية للحاكم تظهر بالتدريج, فظهر اهتمامه برفاهيته وحاشيته وجنده. فارتبط المسجد بعد ذلك بقصر الحاكم ودواوينه, وبعد ذلك انفصل المسجد عن قصر الحاكم, وعرج المؤلف إلى الحديث عن المضمون في تصميم المسكن الإسلامي من خلال دراسة عمارة منازل بغداد وصنعاء والقاهرة ورشيد وغرناطة والإمارات.
وفي عرضه للمؤسسات الخدمية نراه يبدأها بالمؤسسات التعليمية، كالكتاتيب التي كان يدرس فيها القرآن الكريم واللغة العربية, والحساب منتقلاً منها إلى المدارس التي ركز فيها على نموذج المدرسة المستنصرية في بغداد، ثم عرض للبيمارستانات وهي المستشفيات التي شيدت لتقديم خدمات طبية للمرضى, واستخدم بعضها لتدريس الطب كالبيمارستان المنصوري في القاهرة والنوري في دمشق. كما تعرض للحمامات في العمارة الإسلامية، حيث تشابهت أشكال الحمامات العامة في العالم الإسلامي, ولم تختلف إلا في تفاصيل الوحدات المعمارية, كما تعرض للأسبلة وهي منشآت كانت تستخدم لتخزين المياه لعابري السبيل. أما الجديد الذي قدمه هذا الكتاب لأول مرة فهو منشآت الرفق بالحيوان, فقد حرص المعماريون المسلمون على ابتكار منشآت لتقديم الماء للحيوانات التي يستخدمها الإنسان في حياته, ويشبهها المؤلف اليوم بالمحطات التي تزود السيارات بالوقود, وقد انتشرت أحواض سقي الدواب في المدن وعلى طرق التجارة الرئيسية.
لم يفت المؤلف أن يكشف عن المنشآت الصناعية في العمارة الإسلامية, وركز في هذا الفصل على طواحين الغلال التي تدار بطرق عدة منها الدواب والمياه والهواء.
ولم يفت المؤلف أيضاً تخصيص قسم للاستحكامات الحربية راصداً تطورها وأنواعها وأثر الحروب الصليبية على تطور عمارتها, كما عكس أثر المدفعية عليها. أما الفصل الثاني من الكتاب فيمكن أن نعده رحلة سياحية منتقاة بعناية شديدة تكفل للقارئ أخذ فكرة متكاملة ومتنوعة لتراث العمارة الإسلامية. فبدأها بتفصيل لعمارة المدينة المنورة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم فتحدث عن عمارة المسجد النبوي وعمارة المساكن والأسواق وتحصين المدينة المنورة.
وانتقل المؤلف بعدها ليرصد تطور عمارة مسجد عمرو بن العاص على مر العصور، والدور الذي قام به لخدمة المجتمع كمؤسسة دينية لها احترامها وتقديرها في مصر كأول مسجد جامع بعد الفتح العربي لها.
عرج المؤلف بعد ذلك لجامع القيروان الذي شيده عقبة بن نافع سنة 50 هجرية، وكان هذا المسجد العريق في أول الأمر مساحة مسورة بسور سميك من اللبن على هيئة حصن, هدم حسان بن النعمان الغساني الجامع ما عدا محرابه وشيد مسجداً جديداً بين عامي 693 و697 ميلادية، وظل المسجد موضع عناية القيروان حتى عصرنا.
ويرحل بنا المؤلف إلى أعظم منشأة معمارية في اسطنبول، وهي مجمع السليمانية في اسطنبول الذي شيده للسلطان سليمان القانوني المعماري سنان باشا أعظم المعماريين العثمانيين، يعد المجمع مؤسسة متكاملة، فهو يضم بالإضافة إلى المسجد مكتبة وجامعة بها سبع مدارس تسمى المدارس السليمانية, منها خمس بمستوى الثانوية، وواحدة منها كلية، والأخرى للاختصاص،ومدرسة للطب. وألحق بالمجمع عمارة خانة لتقديم الطعام للفقراء وطلاب العلم مجاناً، ثم ألحق بالمجمع مدرسة للحديث وحماماً.
ولم يترك المؤلف أيضاً مساجد الصين دون أن يتعرض لها بدراسة تفصيلية، فبيَّن أن هذه المساجد تأثرت بروح العمارة الإسلامية وبالتقاليد المعمارية الصينية، ومنها مسجد هوايتشنغ في مدينة جوانغشو، ومسجد تشيغينغ, ومسجد نيوجيه في بكين.